تعصب از منظر رسول خدا و ائمه هدی علیهم...
باب العصبية 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن...
باب العصبية 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان عن عنقه.
* الشرح:
قوله (من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه) الربق بالكسر: جمع الربقة وهي في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، والمراد بها ما يشد المسلم به نفسه من عرى الاسلام أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه، والتعصب: المحاماة والمدافعة وإعانة القوم والعصبة وذوي القرابة على الظلم وهو من الحمية الجاهلية التي تحدث من طغيان النفس الأمارة ونفثات الشيطان فيها بأن تقاعدك أنفة وعار عليك وعلى قومك فتقدم حينئذ على ما يوجب خروجه من الإيمان وخلع ربقه من عنقه، وهذا من المتعصب ظاهر، وأما من المتعصب له فلابد من تقييده بما إذا كان هو الباعث عليه والراضي به وإلا فلا إثم عليه.
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم ودرست ابن أبي منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه.
3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية.
* الشرح:
قوله (من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية) لتشبهه بهم في العصبية والحمية والخروج من طاعة الله تعالى ومحاسن الأخلاق ومحامد الأعمال، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
4 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن خضر، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من تعصب عصبه الله بعصابة من نار.
* الشرح:
قوله (من تعصب عصبه الله بعصابة من نار) العصب الشد، ومنه عصابة الرأس - بالكسر - وهي ما يشد به من عمامة وغيرها. - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان بن مهران، عن عامر بن السمط، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: لم يدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب - وذلك حين أسلم - غضبا للنبي (صلى الله عليه وآله) في حديث السلا الذي القي على النبي (صلى الله عليه وآله).
* الشرح:
قوله (لم تدخل الجنة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب) الحمية: الأنفة والعار والغيرة، وهي من أسباب الحماية أي المنع والدفع، ومن لوزام الغضب والفخر والعجب والكبر لأنها تنشأ من تصور المؤذي مع الترفع على فاعله واعتقاد الشرف عليه.
ولما ذم الحمية أشار إلى الحمية المحمودة وهي الحمية في الدين التي هي من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يتفاضل فيها أهل المجد والشرف.
(والسلا) مقصورا الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي.
6 - عنه، عن أبيه، عن فضالة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الملائكة كانوا يحسبون أن إبليس منهم، وكان في علم الله أنه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب فقال: (خلقتني من نار وخلقته من طين).
* الشرح:
قوله (فاستخرج ما في نفسه) أي أظهر ما في نفس إبليس.
(بالحمية والغضب فقال (خلقتني من نار وخلقته من طين)) فأخذته الحمية وافتخر وتكبر على آدم بأن أصله من نار وأصل آدم من طين، والنار أشرف من الطين، فصار بذلك إمام المتعصبين، ومقتدى المتكبرين، فأبعده الله من رحمته، وقال (فأخرج إنك من الصاغرين) وإذا كان حاله مع كثرة عبادته حتى قيل إنه عبد الله ستة آلاف سنة لا يدرى أمن سني الدنيا أو من سني الآخرة وحتى ظن الملائكة أنه منهم، كذلك لأجل تكبر وعصبية واحدة على شخص واحد في ساعة واحدة فما ظنك أيها المتعصب المتكبر على كثير من ذرية آدم، وكيف أمنت أن تكون مع قصر مدة عبادتك وكثرة معصيتك مثله، والله هو المستعان.
7 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن العصبية، فقال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم.
10m:55s
1920
كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين...
كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات في الساحة...
كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات في الساحة الفلسطينية 25-03-1445 هـ 10-10-2023 م
الثلاثاء 25 ربيع الأول 1445هـ 10 أكتوبر 2023م
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
بدايةً نتوجه بالتهاني والتبريكات للشعب الفلسطيني العزيز، ومجاهديه الأبطال، من كتائب القسام، وسرايا القدس، وسائر الفصائل المجاهدة، فيما منَّ الله به عليهم، وعلى أمتنا الإسلامية، من نصرٍ عظيم، نصرٍ تاريخيٍ كبير، في العملية الكبرى، العملية المباركة (طوفان الأقصى)، هذه العملية التي حقق الله بها على أيدي أولئك المجاهدين الأبطال نصراً تاريخياً عظيماً ربما لا سابقة له في المسيرة الجهادية للمجاهدين الأبطال من شعب فلسطين، الشعب العزيز المظلوم.
هذه العملية التي كانت لها نتائج كبيرة في كسر المعادلات، وفي إلحاق الخسائر الفادحة بالعدو الصهيوني المجرم، المتكبر، المتغطرس، الظالم، المعتدي، المغتصب، كما أنَّ لها آثاراً كبيرةً جداً في الانتقال بمستوى الأداء الجهادي للمجاهدين الأبطال الأعزاء في الشعب الفلسطيني العزيز، ولها أهميتها الكبيرة في التوقيت، بحسب الظروف، بحسب الواقع، بحسب السياق الذي أتت فيه على مستوى واقع المنطقة بشكلٍ عام.
الشعب الفلسطيني هو مظلوم منذ بداية نشأة الكيان الغاصب الإجرامي، الذي لا حق له، ولا مشروعية له في اغتصاب فلسطين، وممارسة كل أشكال الظلم والطغيان بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، والسيطرة على الأرض، والظلم المستمر لذلك الشعب العزيز المسلم.
منذ نشأة الكيان الغاصب، كانت نشأته نشأةً قائمةً على الإجرام، على القتل اليوم، على الاعتداءات بكل أشكالها، على الاغتصاب للأرض، على المصادرة للحقوق، على ممارسة الاختطاف والقتل والتعذيب ضد الشعب الفلسطيني، ومنذ يومه الأول كان الكيان الإسرائيلي ربيباً للدول المستكبرة الاستعمارية، بدءاً ببريطانيا، وانتهاءً بأمريكا، وحظي في كل مراحله وإلى الآن- ولا زال يحظى- بدعمٍ مفتوح، وتبنٍ كامل، من قِبَل الأمريكيين، من قِبَل الدول الغربية، كما هو واضحٌ في الموقف البريطاني بالدرجة الأولى، ويتلوه الموقف الفرنسي، والموقف الألماني والإيطالي... وهكذا بقية الدول الغربية في الأعم الأغلب.
الكل يساندون، ويؤيِّدون، ويدعمون الكيان الإسرائيلي في كل جرائمه؛ لكي يبقى مسيطراً محتلاً، لكي يبقى في ممارساته الإجرامية الظالمة، التي هي نكبةٌ لشعبٍ كامل، شعب فلسطين الشعب المظلوم، الشعب العزيز، وبالرغم من كل العناوين التي يتشدَّق بها الغرب الكافر، وعلى رأسه أمريكا، عناوين الحقوق بكل أنواعها: حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، حقوق الشعب في الحرية والاستقلال، حق الإنسان في الحياة، كل أنواع الحقوق التي يتحدث عنها الغرب، أو تضمنتها مواثيق الأمم المتحدة، إلَّا أنَّ كل شيءٍ من هذا لا قيمة له، ولا اعتبار له عندما يكون الموضوع متعلقاً بالشعب الفلسطيني، فأمريكا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والدول الغربية بشكلٍ عام أباحت للعدو الصهيون الإسرائيلي اليهودي كل شيءٍ في فلسطين، أباحت له أن يقتل الشعب الفلسطيني، أن يقتل الرجال والنساء، أن يقتل الكبار والصغار، أن يتفنن في قتلهم وإعدامهم بكل الوسائل، بدمٍ بارد، أو في السجون، بكل الوسائل، أراد أن يقتلهم بالغارات الجوية، فليفعل، أراد أن يقتلهم بإطلاق النار المباشر عليهم، فليفعل، أراد أن يقتل النساء، فليقتل، لا مشكلة، لا حقوق للمرأة في فلسطين، أراد أن يقتل الأطفال، فليفعل، أراد أن يقتل الناس وهم في منازلهم، في مساكنهم نائمين، فليفعل، أطلقوا يده ليرتكب كل أشكال وأنواع الجرائم، ليحتل الأرض، ليسيطر على الممتلكات الخاصة، ليهدم البيوت والمنازل، ليقلع أشجار الزيتون، ليصادر الأراضي على أصحابها بدون وجه حق، ليصادر استقلال شعب، وحرية شعب، وليحتل وطناً بأكمله، على شعبٍ كامل؛ لأنهم أرادوا للعدو الصهيوني أن يكون رأس الحربة لهم في المنطقة العربية والإسلامية، لاستهداف أمةٍ بأكملها، وليكون وكيلاً لهم، وذراعاً لهم في الاستهداف للأمة بكلها.
منذ بداية نشأة الكيان الصهيوني وإلى اليوم، كل المشاهد، كل الممارسات، كل السياسات، كل الجرائم، تفضح الغرب الكافر، تفضح أمريكا، تفضح بريطانيا، تفضح المجتمعات الغربية فيما تتشدَّق به من عناوين، وتقدم نفسها كأمة حضارية، كل الممارسات، كل الجرائم التي ترتفع وتيرتها في كثيرٍ من الأحيان، لتصل إلى جرائم إبادة جماعية، وإلى جرائم حرب، وإلى جرائم ضد الإنسانية، ضد الوجود البشري، كل أشكال وأنواع الجرائم، كل أنواع التعدي، هي تقدِّم شاهداً واضحاً على أنَّ الأنظمة الغربية، وعلى رأسها: أمريكا وبريطانيا، هي أنظمة إجرامية، قادتها ومسؤولوها هم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة، ولذلك دعموا أولئك المجرمين من ذلك الكيان الصهيوني الغاصب، وهو كله كيانٌ إجرامي، دعموه؛ لأنهم مجرمون كذلك، مجرمون يدعمون مجرمين بكل ما تعنيه الكلمة، ويجب أن ننظر إليهم نحن كعالمٍ إسلامي، وكل أحرار العالم، كل الشعوب في كل أرجاء الدنيا، أن ينظر إليهم هذه النظرة الحقيقية: إلى أنهم بالفعل أناسٌ مجرمون، طغاةٌ معتدون، ليسوا مؤتمنين على شيء، وإذا تشدَّقوا بعناوين يعبّرون فيها عن حقوق، أو عن حريات، أو عن أي شيء، فهم يتصورون أنَّ الناس أغبياء، يتصورون أنَّ المجتمع البشري غبي إلى درجة أن يضحكوا عليه، وأن يتحدثوا أمامه- وهم بما هم عليه من إجرام وطغيان- بمثل تلك العناوين لمخادعته؛ لأنها عندهم مجرد أساليب للخداع، يوظّفونها سياسياً؛ لاختراق مجتمعاتنا، والتدخل في كل شؤوننا، وإثارة الفتن في بلداننا، وإلا فالحقائق اليوم واضحة في فلسطين.
الشعب الفلسطيني على مدى كل هذه العقود من الزمن، على مدى أكثر من سبعين عاماً، وما قبل ذلك، منذ بدايات هجرة الجماعات اليهودية المنظمة في إطار خطة الاحتلال لفلسطين وإلى اليوم، لم يلق أبداً أي التفاتة جادة لإنصافه، لإنقاذه من مظلوميته، لا من المؤسسات الدولية المتعاقبة، التي تقدِّم نفسها على أنها معنية بحقوق الشعوب، بإحلال السلام والأمن للمجتمع البشري، ماذا فعلته الأمم المتحدة منذ بداية أحداث فلسطين، منذ بداية النكبة والمظلومية للشعب الفلسطيني وإلى اليوم؟! الأمم المتحدة ضمَّت العدو الإسرائيلي الصهيوني المجرم، الذي لا شرعية له على الإطلاق، كعضو فيها (في الأمم المتحدة)، واعترفت به، مع أنه لا مشروعية له، اعترفت به، واعترفت بسيطرته اغتصاباً وظلماً واضحاً على فلسطين، واعترفت به، واعتبرته عضواً فيها.
مجلس الأمن، توجهاته، قراراته ماذا فعلت للشعب الفلسطيني؟ هل قامت بحماية أطفال فلسطين، نساء فلسطين، المرأة في فلسطين، الكبار والصغار في فلسطين، المدنيين في فلسطين؟! لم تحمِ أحداً أبداً، والدور الأساس للمجتمع الغربي: أنَّه حاول- الأنظمة الغربية والإدارات الأمريكية المتعاقبة، والأنظمة الأوروبية، وفي مقدمتها البريطانية- حاولوا أن يفرضوا معادلةً تكون قائمةً على أساس أن يفعل العدو الصهيوني الإسرائيلي ما يشاء ويريد بالفلسطينيين، من قتلٍ يومي، من اختطافٍ وسجنٍ وتعذيب، من تدمير، من مصادرة للحرية والاستقلال، من الاحتلال لوطنٍ كامل، بكل ممارسات أشكال التعذيب، من قلع أشجار الزيتون، من هدم البيوت، كل أشكال التعدي، دون أي ردة فعل من جانب الفلسطينيين، وأن تبقى مسألة الخداع والأماني بالحق الفلسطيني، في جزءٍ من فلسطين، مجرد وسيلة لإلهاء الشعب الفلسطيني عن أن يسلك أي طريقٍ صحيح لاستعادة حقوقه المشروع، لاستعادة وطنه، بلده، لدفع الظلم عن نفسه، هذه المعادلة التي حرص عليها الأمريكي، وحرصت عليها الأنظمة الغربية: معادلة أن يفعل الإسرائيلي ما يشاء ويريد دون أي ردة فعل من جانب الشعب الفلسطيني، ثم تبقى مسألة المخادعة والأماني، التي لا حقيقة لها، ثم تأتي أيضاً العملية لتصفية هذه القضية في إطار عنوان التطبيع مع بقية الدول العربية والإسلامية؛ ليقبلوا بالعدو الإسرائيلي فيما هو عليه من اغتصاب لفلسطين، من ظلم للشعب الفلسطيني، يقبلوا به عضواً في المنطقة، يقبلون به باعتباره كيان طبيعي، يدخلون في علاقات طبيعية معه، يعترفون به وكأنه دولة طبيعية، وصاحب حق فيما هو عليه.
مظلومية الشعب الفلسطيني هي من أوضح القضايا، إن لم تكن أوضح المظلوميات والقضايا، وأوضح الحقوق في هذا العصر، ومع ذلك مظلومية بهذا الحجم، مظلومية شعب بأكمله، وبهذا المستوى من الوضوح، يحاولون أن يقوموا بتصفيتها وتضييعها، وحاولوا أن يحاربوا الشعب الفلسطيني من خلال أسلوب التطبيع، والعلاقات مع عملائهم من العرب في العالم الإسلامي، من أجل ماذا؟ من أجل أن يُشعِروا الشعب الفلسطيني بأنه وحده في ساحة المواجهة، بدون ظهر ولا سند، وأنه لن يبقى في العالم الإسلامي ولا في الدول العربية من يكون إلى جانبه؛ حتى يجعلوا من ذلك وسيلة ضغط عليه في الأخير لتضييع قضيته، مظلومية كبيرة جداً.
ولذلك يتضح جلياً أنَّ الشعب الفلسطيني لا خيار له إلَّا الخيار الإلهي، وهو: الجهاد في سبيل الله \"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى\"، والتحرك الجهادي؛ لدفع الظلم عن نفسه، لطرد المحتل عن أرضه، لاستعادة حقوقه المشروعة، لإنقاذ أسراه، لدفع الشر والظلم الذي يمارس يومياً ضده من العدو الصهيوني.
وتحرَّك المجاهدون في فلسطين على مدى كل الأعوام الماضية، وعلى مدى عقودٍ من الزمن، يطوِّرون أداءهم الجهادي، ويحققون الإنجازات الملموسة، حتى أصبحوا قوةً لها تأثير، ولها حضور فاعل، وهذا هو الحال القائم في قطاع غزة.
هذه العملية: (عملية طوفان الأقصى) هي عملية عظيمة، عملية مهمة، أتت في إطار الحق المشروع للمجاهدين الفلسطينيين، وللشعب الفلسطيني، في التصدي لعدوهم، في مواجهة عدوهم الظالم، المجرم، المحتل، المغتصب، الذي يظلمهم بكل أشكال الظلم، يقتلهم كل يوم، يقتل الأطفال والنساء، والكبار والصغار، يصادر حقوقهم، يحتل أرضهم ووطنهم، يصادر استقلالهم، حقهم في الاستقلال والحرية؛ ولذلك لا لوم عليهم، هم يمتلكون الشرعية الإلهية، الله \"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى\" قال في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج: الآية39]، قال \"جلَّ شأنه\": {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى: الآية41]، الحجة واللوم يوجَّه ضد كيان العدو الإسرائيلي المغتصب، الكيان المحتل، وضد من يتبنونه ويقدمون له كل أشكال الدعم، في مقدِّمتهم الأمريكي، الأمريكي الذي يقدِّم القذائف، والصواريخ، والقنابل، التي تقتل الأطفال والنساء في قطاع غزة، يقدِّم الإمكانات ووسائل القتل والتدمير التي يستخدمها الإسرائيلي لقتل المدنيين، ولقتل أبناء الشعب الفلسطيني من كل الفئات، ومن الكبار والصغار، والرجال والنساء، وتدمير مساكنهم، وتدمير المنشآت المدنية، الأمريكي مجرم، يتبنى هذا الإجرام، شريكٌ في ذلك الإجرام بشكلٍ مباشر.
منذ أتت هذه العملية صاح الأمريكي، وبادر وكأنه هو المعني بالدرجة الأولى، وهذا يبين لشعوبنا ولأمتنا الحقيقة الواضحة أصلاً، والتي شهدت بها كل الأحداث في السنوات الماضية، والمراحل الماضية، وهي: مستوى الدور الأمريكي الذي يصل إلى درجة الشراكة بكل ما تعنيه الكلمة مع العدو الصهيون الإسرائيلي في كل الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وضد أمتنا الإسلامية، وضد بلداننا العربية وشعوبنا العربية، وهذه حقيقة واضحة، الأمريكي شريكٌ في كل جرائم العدو الصهيون الإسرائيلي، في كل ممارساته الإجرامية ضد الأطفال والنساء والمدنيين، ضد كل الناس في فلسطين، ضد أمتنا بشكلٍ عام، فالأمريكي شريكٌ في الإجرام، وإسرائيل هي ربيبة أمريكا كما هو شيءٌ معروف، وهذه مسألة مهمة؛ لتبقى النظرة الصحيحة لشعوبنا ولأمتنا، لمعرفة من هو العدو، الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة، ويستهدف الشعب الفلسطيني المسلم، الذي هو جزءٌ منا، نتحمل مسؤوليةً تجاهه، وفي نفس الوقت الخطر الذي يهدد الشعب الفلسطيني، ويهدد الأمة بكلها، فالمسألة واضحة، عندما بادر الأمريكيين ليتبنى الموقف بشكلٍ تام، بعد أن رأى ما هو الحال الذي وصل إليه العدو الصهيوني، حجم الصدمة والذهول، وحجم الإرباك الكبير جداً الذي سيطر على الصهاينة، وكانت الهزيمة الكبيرة قد وصلت بهم إلى درجة الذهول، وإلى درجة الإرباك التام، الذي وضح في واقعهم، حجم الصدمة كبيرٌ جداً تجاه هذه العملية، بادرت الدول الغربية الأخرى: بيانات، مواقف، تقديم الدعم والمساندة المالية... وغيرها.
في المقابل الواجب الشرعي، والإنساني، والأخلاقي، والقومي، والديني، الواجب بكل الاعتبارات والحيثيات على أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، وفي المقدِّمة: العرب، الواجب على الجميع أن يساندوا الشعب الفلسطيني، أن يساندوا المجاهدين في فلسطين، أن يقفوا إلى جانبهم، ويقدموا لهم كل أشكال الدعم والمساندة، على المستوى السياسي، والإعلامي، والمادي، وحتى على المستوى العسكري.
لا يجوز أبداً، ولا يليق بهذه الأمة أن تتفرج على الشعب الفلسطيني، على مجاهديه الأبطال، ثم تتقدم كل الدول الأخرى الغربية لمساندة العدو الصهيوني وهو الظالم، وهو المجرم، وهو المحتل، وهو الغاصب، وهو المدنس للمقدسات، وأتت العملية (عملية طوفان الأقصى) في ظرفٍ واضح، حتى على مستوى الاستهداف للأقصى، بلغت مستويات الاستهداف بشكلٍ غير مسبوق، له آثاره السلبية وعواقبه الخطيرة، إلى مستوى التهديد الفعلي للمسجد الأقصى، بما له من أهمية، بما له من قدسية لدى أمتنا الإسلامية.
فهذه العملية يجب أن تحظى بالمساندة، ويجب أن يكون هناك موقفٌ واضح للمسلمين، أين هي منظمة التعاون الإسلامي؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! أين هي الجامعة العربية؟! لماذا لا تجتمع وتتخذ مواقف جادة؟! هناك ضعف، وتراجع، وتقصير كبير، وتفريط عظيم حتى على مستوى المواقف الروتينية، حتى على مستوى البيانات والإدانات من أكثر الدول العربية، كثيرٌ منها لهم مواقف ضعيفة، مترددة، مجاملة.
أمَّا موقف المطبِّعين فهو موقف مخزي، كشف مدى ولائهم لإسرائيل، للعدو الإسرائيلي، وإساءاتهم الكبيرة جداً للشعب الفلسطيني، ولمجاهديه الأبطال، يتحدثون عن كتائب القسام، عن حركة حماس، عن حركة الجهاد الإسلامي، عن الفصائل الفلسطينية، والحركات الفلسطينية المجاهدة، وكأنها لا تملك أي قضية، كأن فلسطين قطعة أرضٍ من إيران، وجاء أولئك العرب ليقاتلوا بالوكالة عن إيران؛ بينما أرض فلسطين هي في المقدِّمة أرض عربية، ولو أنَّ كل العالم الإسلامي معنيٌ بهذه القضية؛ لأن هناك شعب مسلم، وهناك قضية تهم المسلمين جميعاً، ومقدسات إسلامية، ولكن بالرغم من كل ما يعانيه الشعب الفلسطيني، يتحدثون عنه وكأنه ليس صاحب حق، ولا قضية، ولا مظلومية، وكأنه يفعل ما يفعله لمجرد الفضول، أو من أجل جهات أخرى، مع القطع والعلم اليقين أنَّ القرار في هذه العملية (عملية طوفان الأقصى) هو قرار فلسطيني، يمتلك الشرعية والحق الواضح، وتفاجأ به العدو، وتفاجأ به الصديق، وأتاك قرار فلسطيني خالص، ومن واقع مظلومية واضحة في كل الدنيا، وقضية حق واضح، ليس هناك أي التباس فيها على الإطلاق؛ ولذلك واجب المسلمين أن يكون لهم موقف واضح.
ثم على كافة المستويات بالنسبة للشعوب، يجب أن يكون لها صوت مسموع، شعبنا اليمني العزيز كان له صوتٌ مسموع وواضح من اليوم الأول، منذ بداية هذه العملية، ثم ما تلاها، وسيبقى هذا الصوت مستمراً إن شاء الله \"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى\".
شعبنا اليمني هو حاضرٌ لفعل كل ما يستطيع في أداء واجبه المقدَّس، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأبطال والأحرار، وخروج شعبنا في المظاهرات والمسيرات الكبرى عبَّر عن هذا الموقف.
نحن كنا نتمنى أننا بالجوار من فلسطين، وكنا- لو تهيَّأ لنا ذلك- لبادر شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني، وهو حاضرٌ لأن يتحرك بمئات الآلاف من المجاهدين، وأن يذهب إلى فلسطين، ويلتحق بالشعب الفلسطيني؛ لخوض هذا الجهاد المقدَّس في مواجهة العدو الصهيوني، نحن بحاجة إلى طريق، شعبنا مستعد أن يفوِّج مئات الآلاف من المجاهدين للذهاب إلى فلسطين، عدنا مشكلة في الجغرافية، عدنا مشكلة في أن يتحرك أعداد كبيرة من أبناء شعبنا للوصول إلى هناك، ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردد في فعل كل ما نستطيع، أن نفعل كل الممكن، كل ما بأيدينا أن نفعله.
نحن في تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، لفعل كل ما نستطيع، وكل الذي يمكننا أن نفعله، وهذا التنسيق فيه خطوط حمر، فيه مستويات معينة للأحداث، من ضمنها: إذا تدخَّل الأمريكي بشكل مباشر، بشكلٍ عسكري من جانبه، هو الآن يقدم الدعم للعدو الإسرائيلي، إذا تدخَّل بشكلٍ مباشر، نحن مستعدون للمشاركة، حتى على مستوى القصف الصاروخي، والمسيَّرات، والخيارات العسكرية بكل ما نستطيع.
هناك أيضاً خطوطٌ حمرٌ أيضاً فيما يتعلق بالوضع المتعلق بقطاع غزة، نحن في هذا على تنسيقٍ تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة، وحاضرون وفقاً لذلك للتدخل بكل ما نستطيع، وسنحرص- إن شاء الله- أن يكون لدينا الخيارات المساعدة على فعل ما يكون له الأثر الكبير، في إطار تنسيقنا مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة إن شاء الله.
فيما يتعلق بالإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وفي شعب فلسطين بشكلٍ عام، نقول لهم: أنتم لستم وحدكم، شعبنا إلى جانبكم، أحرار هذه الأمة إلى جانبكم، لا تكترثوا لكل الحملات الإعلامية، لكل الإرجاف والتهويل، هذه العملية الكبرى وفَّقكم الله لها، وهي- إن شاء الله- إيذانٌ من الله تعالى ببدء مرحلةٍ جديدة، يمنحكم الله فيها المزيد من تأييده، ومعونته، ونصره، وهي- إن شاء الله تعالى- مؤشرٌ من مؤشرات اقتراب الفرج الإلهي إن شاء الله تعالى.
نحن- إن شاء الله- سنكون في حالة متابعة مستمرة، وتنسيق مستمر مع إخوتنا في المحور، مع إخوتنا المجاهدين في فلسطين، وسنكون- إن شاء الله تعالى- جاهزين للمشاركة في إطار هذا التنسيق بحسب المستويات المخطط لها، في إطار هذه المعركة إن شاء الله تعالى.
نؤكد موقفنا هذا، ونتوجه أيضاً بالإدانة والشجب لكل ما يقوم به المطبِّعون، من إساءات تجاه الشعب الفلسطيني وأحراره، ومجاهديه الأبطال، على المستوى الإعلامي، من تخذيل وتثبيط، وسعي لتفكيك الموقف العربي بشكلٍ عام عن تبني مواقف جادة، أو على المستوى الإسلامي بشكلٍ عام، عن تبني مواقف بشكلٍ جاد.
أيضاً على المستوى الإنساني، هناك تخاذل واضح، حتى على مستوى الدعم الإنساني، من الدول التي تمتلك الإمكانات الضخمة، والتي تبعثر بأموالها في خدمة الأمريكيين والإسرائيليين والمجتمعات الغربية، وتبخل حتى على المستوى الإنساني في مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم.
نسأل الله \"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى\" أن ينصر الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال، وأن يؤيَّدهم، ويعينهم، ويوفِّقهم، ويسددهم، وأن يوفِّقنا لنؤدي واجبنا كما ينبغي تجاه هذه المظلومية والقضية الكبرى، التي هي قضية كل الأمة، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
0m:0s
616
[ARABIC][1October11] كلمة آية الله خامنئي لدعم...
الإمام الخامنئی فی مؤتمر نصرة الانتفاضة الفلسطینیة: فلسطین هی فلسطین «من النهر...
الإمام الخامنئی فی مؤتمر نصرة الانتفاضة الفلسطینیة: فلسطین هی فلسطین «من النهر إلی البحر»
01/10/2011
بسم الله الرحمن الرحیم
السلام علیکم و رحمة الله..
الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی سیدنا محمد و آله الطاهرین و صحبه المنتجبین، و علی من تبعهم بإحسان إلی یوم الدین.
قال الله الحکیم: «أذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله علی نصرهم لقدیر، الذین أخرجوا من دیارهم بغیر حق إلا أن یقولوا ربنا الله و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع و بیع و صلوات و مساجد یذکر فیها اسم الله کثیراً و لینصرن الله من ینصره إن الله لقوی عزیز».
أرحب بالضیوف الأعزاء و جمیع الحضور المحترمین.
تتمیز القضیة الفلسطینیة بخصوصیة فریدة من بین کل الموضوعات التی یجدر بالنخبة الدینیة و السیاسیة فی کل العالم الإسلامی أن تتطرق لها. فلسطین هی القضیة الأولی بین کل الموضوعات المشترکة للبلدان الإسلامیة. و ثمة خصوصیات منقطعة النظیر فی هذه القضیة:
أولاً: أن یغتصب بلد مسلم من شعبه، و یعطی لأجانب جُمّعوا من بلدان شتی، و کوّنوا مجتمعاً موزائیکیاً مزیفاً.
ثانیاً: أن هذا الحدث غیر المسبوق فی التاریخ جری بواسطة المذابح و الجرائم و الظلم و الإهانات المستمرة.
ثالثاً: أن قبلة المسلمین الأولی و الکثیر من المراکز الدینیة المحترمة فی هذا البلد مهدَّدة بالهدم و الامتهان و الزوال.
رابعاً: أن هذه الحکومة و المجتمع المزیّفین مارسا فی أکثر مناطق العالم الإسلامی حساسیة، منذ بدایة ظهورهما و إلی الآن، دور القاعدة العسکریة و الأمنیة و السیاسیة للحکومات الاستکباریة، و دور المحور للغرب الاستعماری الذی هو - و لأسباب متعددة - عدو اتحاد البلدان الإسلامیة و رفعتها و تقدمها، و قد استخدمه کالخنجر فی خاصرةَ الأمة الإسلامیة.
خامساً: أن الصهیونیة التی تعدّ خطراً أخلاقیاً و سیاسیاً و اقتصادیاً کبیراً علی المجتمع البشری استخدمت محطّ الأقدام هذا وسیلة و نقطة انطلاق لتوسیع نفوذها و هیمنتها فی العالم.
و یمکن إضافة نقاط أخری للنقاط السابقة منها التکالیف المالیة و البشریة الجسیمة التی تحمّلتها البلدان الإسلامیة لحد الآن، و الانشغال الذهنی للحکومات و الشعوب المسلمة، و معاناة و محن ملایین المشردین الفلسطینیین الذین لا یزال البعض منهم یعیشون لحد الآن و بعد ستة عقود فی المخیمات، و الانقطاع التاریخی لقطب حضاری مهم فی العالم الإسلامی، و .... الخ.
و قد أضیفت الیوم نقطة أساسیة أخری إلی تلک النقاط، ألا و هی نهضة الصحوة الإسلامیة التی عمّت کل المنطقة، و فتحت فصلاً جدیداً حاسماً فی تاریخ الأمة الإسلامیة. هذه الحرکة العظیمة التی یمکنها بلا شک أن تؤدی إلی إیجاد منظومة إسلامیة مقتدرة و متقدمة و منسجمة فی هذه المنطقة الحساسة من العالم، و تضع بحول الله و قوته و بالعزیمة الراسخة لرواد هذه النهضة نهایة لعصر التخلف و الضعف و المهانة الذی عاشته الشعوب المسلمة، استمدت جانباً مهماً من طاقتها و حماسها من قضیة فلسطین.
الظلم و العسف المتصاعد الذی یمارسه الکیان الصهیونی و مواکبة بعض الحکام المستبدین الفاسدین المرتزقین لأمریکا لهذا العسف من جهة، و انبعاث المقاومة الفلسطینیة و اللبنانیة المستمیتة و الانتصارات المعجزة للشباب المؤمن فی حربی الـ 33 یوماً فی لبنان و الـ 22 یوماً فی غزة من جهة أخری، هی من جملة العوامل المهمة التی أطلقت الطوفان فی المحیط الهادئ فی ظاهره للشعوب فی مصر و تونس و لیبیا و باقی بلدان المنطقة.
إنها لحقیقة أن الکیان الصهیونی المدجج بالسلاح و المدعی أنه عصیّ علی الهزیمة تلقی فی حرب غیر متکافئة فی لبنان هزیمة قاسیة مذلة من القضبات المشدودة للمجاهدین المؤمنین الأبطال، و بعد ذلک اختبر سیفه الکلیل مرة أخری أمام المقاومة الفولاذیة المظلومة لغزة و ذاق طعم الإخفاق.
هذه أمور یجب أخذها بعین الجد فی تحلیل الأوضاع الحالیة للمنطقة، و قیاس صحة أی قرار یتخذ علی ضوئها.
إذن، إنه لرأی و حکم دقیق بأن قضیة فلسطین اکتسبت الیوم أهمیة و فوریة مضاعفة، و من حق الشعب الفلسطینی أن یتوقع المزید من البلدان المسلمة فی الوضع الراهن للمنطقة.
لنلق نظرة علی الماضی و الحاضر و نرسم خارطة طریق للمستقبل. و أنا أطرح هاهنا بعض رؤوس النقاط.
مضت علی فاجعة اغتصاب فلسطین أکثر من ستة عقود. و جمیع المسببین الرئیسیین لهذه الفاجعة الدامیة معرفون، و علی رأسهم الحکومة البریطانیة المستعمرة، حیث استخدمت سیاستها و قواها العسکریة و الأمنیة و الاقتصادیة و الثقافیة، هی و سائر الحکومات الغربیة و الشرقیة المستکبرة من بعد ذلک، لخدمة هذا الظلم الکبیر. و قد طرد الشعب الفلسطینی المشرد تحت وطأة قبضات المحتلین التی لا تعرف الرحمة، و قتل و أخرج من موطنه و دیاره. و إلی الیوم لم یجر تصویر حتی واحد بالمائة من الفاجعة الإنسانیة و المدنیة التی وقعت علی ید أدعیاء التحضر و الأخلاق فی ذلک الحین، و لم تحظ بنصیب من الفنون الإعلامیة و المرئیة، فهذا ما لم یشأه کبار أرباب الفنون التصویریة و السینمائیة و التلفزیونیة و المافیات الغربیة لإنتاج الأفلام، و لم یسمحوا به. شعب کامل قتل و تشرد وسط صمت مطبق.
ظهرت حالات المقاومة فی بدایة الأمر، و قد قمعت بقسوة و شدة. و بذل رجال علی الحدود الفلسطینیة، و خصوصاً من مصر، جهوداً بمحفزات إسلامیة، لکنها لم تحظ بالدعم اللازم و لم تستطع التأثیر فی الساحة.
و بعد ذلک جاء الدور للحروب الرسمیة و الکلاسیکیة بین عدة بلدان عربیة و الجیش الصهیونی. جندت مصر و سوریة و الأردن قواتها العسکریة فی الساحة، لکن المساعدات العسکریة و الإمدادیة و المالیة السخیة و الزاخرة و المتزایدة التی قدمتها أمریکا و بریطانیا و فرنسا للکیان الغاصب فرضت الإخفاق علی الجیوش العربیة. إنهم لم یعجزوا عن مساعدة الشعب الفلسطینی و حسب، بل و خسروا أجزاء مهمة من أراضیهم فی هذه الحروب.
و مع اتضاح عجز الحکومات العربیة الجارة لفلسطین تکوّنت تدریجیاً خلایا المقاومة المنظمة فی معظم الجماعات الفلطسینیة المسلحة، و بعد فترة من اجتماعها تأسست منظمة التحریر الفلسطینیة. و کان هذه بصیص أمل تألق تألقاً حسناً لکنه لم یستمر طویلاً حتی خبا. و یمکن ردّ هذا الإخفاق إلی العدید من الأسباب، بید أن السبب الرئیسی هو ابتعادهم عن الجماهیر و عن عقیدتهم و إیمانهم الإسلامی. الإیدیولوجیا الیساریة أو مجرد المشاعر القومیة لم تکن الشیء الذی تحتاجه قضیة فلسطین المعقدة الصعبة. ما کان بوسعه إنزال شعب بکامله إلی ساحة المقاومة و خلق قوة عصیة علی الهزیمة من أبناء الشعب هو الإسلام و الجهاد و الشهادة. أولئک لم یدرکوا هذه الفکرة بصورة صحیحة. فی الأشهر الأولی لانتصار الثورة الإسلامیة الکبری حیث کان زعماء منظمة التحریر الفلسطینیة قد اکتسبوا معنویات جدیدة و راحوا یترددون علی طهران، سألت أحد شخصیاتهم المهمة: لماذا لا ترفعون رایة الإسلام فی کفاحکم الحق. و کان جوابه إن بیننا بعض المسیحیین. و قد جری اغتیال هذا الشخص بعد ذلک فی أحد البلدان العربیة علی ید الصهاینة، و نتمنی إن یکون الغفران الإلهی قد شمله إن شاء الله، لکن استدلاله هذا کان ناقصاً و غیر ناهض. أعتقد أن المناضل المسیحی المؤمن یکتسب إلی جانب الجماعة المجاهدة المضحیة التی تقاتل بإخلاص من منطلق الإیمان بالله و القیامة و الأمل بالمعونة الإلهیة، و تتمتع بالدعم المادی و المعنوی لشعبها، یکتسب محفزات أکبر و أکثر للنضال مما لو کان إلی جانب جماعة عدیمة الإیمان و معتمدة علی مشاعر متزعزعة و بعیدةً عن الإسناد الشعبی الوفی.
عدم توفر الإیمان الدینی الراسخ و الانقطاع عن الشعب جعلهم بمرور الوقت عاجزین و عدیمی التأثیر. طبعاً کان بینهم رجال شرفاء و متحفزون و غیورون، بید أن الجماعة و التنظیم سار فی طریق آخر. انحرافهم وجّه و لا یزال الضربات للقضیة الفلسطینیة. هم أیضاً تنکروا کبعض الحکومات العربیة الخائنة لأهداف المقاومة التی کانت و لا تزال السبیل الوحید لإنقاذ فلسطین، و قد وجّهوا الضربات لا لفلسطین و حسب بل لأنفسهم أیضاً. و علی حد تعبیر الشاعر المسیحی العربی:
لئن أضعتم فلسطيناً فعيشكم طول الحياة مضاضات و آلامٌ
و هکذا مضت إثنتان و ثلاثون سنة من عمر النکبة.. لکن ید القدرة الإلهیة قلبت الصفحة فجأة. و قلب انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران فی سنة 1979 (1357 هجری شمسی) الأوضاع فی هذه المنطقة رأساً علی عقب، و فتح صفحة جدیدة. و من بین التأثیرات العالمیة المذهلة لهذه الثورة کانت الضربة التی وجّهتها للحکومة الصهیونیة هی الأسرع و الأوضح من بین الضربات الشدیدة و العمیقة التی وجّهتها للسیاسات الاستکباریة. و کانت تصریحات ساسة الکیان الصهیونی فی تلک الأیام جدیرة بالقراءة و تنمّ عن وضعهم الأسود الغارق فی الاضطراب. فی الأسابیع الأولی للانتصار أغلقت السفارة الإسرائیلیة فی طهران، و أخرج العاملون فیها، و جری تسلیم مکانها رسمیاً لممثلی منظمة التحریر الفلسطینیة، و هم موجودن هناک لحد الآن. أعلن إمامنا الجلیل أن أحد أهداف هذه الثورة تحریر الأرض الفلسطینیة و استئصال غدة إسرائیل السرطانیة. الأمواج القویة لهذه الثورة التی عمّت العالم کله فی ذلک الحین حملت معها إین ما ذهبت هذه الرسالة: «یجب تحریر فلسطین». المشاکل المتتابعة و الکبیرة التی فرضها أعداء الثورة علی نظام الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة و إحداها حرب الأعوام الثمانیة التی شنها نظام صدام حسین بتحریض من أمریکا و بریطانیا و دعم الأنظمة العربیة الرجعیة، لم تستطع هی الأخری سلب الجمهوریة الإسلامیة محفزات الدفاع عن فلسطین.
و هکذا تم ضخّ دماء جدیدة فی عروق فلسطین، و انبثقت الجماعات الفلسطینیة المجاهدة الإسلامیة، و فتحت المقاومة فی لبنان جبهة قویة جدیدة أمام العدو و حماته. و اعتمدت فلسطین بدل الاستناد إلی الحکومات العربیة و من دون مدّ الید للأوساط العالمیة من قبیل منظمة الأمم المتحدة - و هی شریکة إجرام الحکومات الاستکباریة - اعتمدت علی نفسها و علی شبابها و علی إیمانها الإسلامی العمیق و علی رجالها و نسائها المضحین.
هذا هو مفتاح کل الفتوحات و النجاحات.
لقد تقدم هذا السیاق و تصاعد خلال العقود الثلاثة الأخیرة یوماً بعد یوم. و کانت الهزیمة الذلیلة للکیان الصهیونی فی لبنان عام 2006 (1385 هجری شمسی)، و الأخفاق الفاضح الذی منی به ذلک الجیش المتشدق فی غزة سنة 2008 (1387 هجری شمسی)، و الفرار من جنوب لبنان و الانسحاب من غزة، و تأسیس حکومة المقاومة فی غزة، و بکلمة واحدة تحول الشعب الفلسطینی من مجموعة من الناس الیائسین العاجزین إلی شعب متفائل مقاوم له ثقته بنفسه، کانت هذه کلها من الخصائص البارزة للأعوام الثلاثین الأخیرة.
هذه الصورة الکلیة الإجمالیة سوف تکتمل حینما یُنظر بصورة صحیحة للتحرکات الاستسلامیة و الخیانیة التی تهدف إلی إطفاء المقاومة و انتزاع الاعتراف الرسمی بشرعیة إسرائیل من الجماعات الفلسطینیة و الحکومات العربیة.
هذه التحرکات التی بدأت علی ید الخلیفة الخائن و اللاخلف لجمال عبد الناصر فی معاهدة کامب دیفید المخزیة أرادت دوماً ممارسة دور التثبیط حیال العزیمة الفولاذیة للمقاومة. فی معاهدة کامب دیفید اعترفت حکومة عربیة رسمیاً و لأول مرة بصهیونیة الأراضی الإسلامیة فی فلسطین، و ترکت توقیعها تحت سطور اعترفت بإسرائیل داراً قومیاً للیهود.
و بعد ذلک وصولاً إلی معاهدة أوسلو فی سنة 1993 (1372 هجری شمسی) و المشاریع التکمیلیة الأخری التی أعقبتها و التی أدارتها أمریکا، و واکبتها البلدان الأوربیة الاستعماریة، و فُرِضت عبأً علی عاتق الجماعات الاستسلامیة عدیمة الهمّة من الفلسطینیین، انصبت کل مساعی العدو علی صرف الشعب و الجماعات الفلسطینیة عن خیار المقاومة بوعود مخادعة جوفاء و إشغالهم بألاعیب صبیانیة فی الساحات السیاسیة. و سرعان ما تجلی عدم اعتبار کل هذه المعاهدات، و أثبت الصهاینة و حماتهم مراراً أنهم ینظرون لما کتب علی أنه مجرد قصاصات ورق لا قیمة لها. کان الهدف من هذه المشاریع بث الشکوک و التردید فی قلوب الفلسطینیین، و تطمیع الأفراد عدیمی الإیمان و طلاب الدنیا، و شلّ حرکة المقاومة الإسلامیة لیس إلا.
و قد کان المضاد لهذا السمّ فی کل هذه الألاعیب الخیانیة لحد الآن هو روح المقاومة لدی الجماعات الإسلامیة و الشعب الفلسطینی. لقد صمد هؤلاء أمام العدو بإذن الله، و کما وعد الله «و لینصرن الله من ینصره، إن الله لقوی عزیز» فقد حظوا بالمعونة و النصرة الإلهیة. لقد کان صمود غزة علی الرغم من المحاصرة المطلقة نصراً إلهیاً. و سقوط النظام الخائن الفاسد لحسنی مبارک نصراً إلهیاً، و ظهور موجة الصحوة الإسلامیة القویة فی المنطقة نصراً إلهیاً، و سقوط أستار النفاق و الزیف عن وجوه أمریکا و بریطانیا و فرنسا، و الکراهیة المتصاعدة لشعوب المنطقة لهم کانت نصرة إلهیة. و المشکلات المتتابعة و العصیة علی الحصر للکیان الصهیونی ابتداء من المشکلات السیاسیة و الاقتصادیة و الاجتماعیة الداخلیة إلی عزلته العالمیة و الکراهیة العامة له حتی فی الجامعات الأوربیة، کلها من مظاهر النصرة الإلهیة.
الکیان الصهیونی الیوم مکروه و ضعیف و معزول أکثر من أی وقت آخر، و حامیته الرئیسیة أمریکا مبتلاة متحیرة أکثر من أی وقت آخر.
الصفحة الکلیة و الإجمالیة لفلسطین طوال نیّف و ستین عاماً الماضیة أمام أنظارنا حالیاً. ینبغی تنظیم المستقبل بالنظر لهذا الماضی و استلهام الدروس منه.
ینبغی قبل کل شیء إیضاح نقطتین:
الأولی: إن دعوانا هی تحریر فلسطین و لیس تحریر جزء من فلسطین. أی مشروع یرید تقسیم فلسطین مرفوض بالمرة. مشروع الدولتین الذی خلعوا علیه لبوس الشرعیة «الاعتراف بحکومة فلسطین کعضو فی منظمة الأمم المتحدة» لیس سوی الاستسلام لإرادة الصهاینة، أی «الاعتراف للدولة الصهیونیة بالأرض الفلسطینیة». و هذا معناه سحق حقوق الشعب الفلسطینی و تجاهل الحق التاریخی للمشردین الفلسطینین، بل و تهدید حقوق الفلسطینیین الساکنین علی أراضی 1948 . و هو یعنی بقاء الغدة السرطانیة و التهدید الدائم لجسد الأمة الإسلامیة و خصوصاً شعوب المنطقة. و هو بمعنی تکرار آلام و محن عشرات الأعوام و سحق دماء الشهداء.
أی مشروع عملیاتی یجب أن یکون علی أساس مبدأ: «کل فلسطین لکل الشعب الفلسطینی». فلسطین هی فلسطین «من النهر إلی البحر»، و لیس أقل من ذلک حتی بمقدار شبر. طبعاً یجب عدم نسیان أن الشعب الفلسطینی کما فعل فی غزة، سوف یتولی إدارة شؤونه بنفسه عن طریق حکومته المنتخبة فی أی جزء من تراب فلسطین یستطیع أن یحرره، لکنه لن ینسی الهدف النهائی علی الإطلاق.
النقطة الثانیة: هی أنه من أجل الوصول إلی هذا الهدف السامی لا بد من العمل و لیس الکلام، و لا بد من الجدّ و لیس الممارسات الاستعراضیة، و لا بد من الصبر و التدبیر لا السلوکیات المتلونة غیر الصبورة. ینبغی النظر للآفاق البعیدة و التقدم للأمام خطوة خطوة بعزم و توکل و أمل. یمکن لکل واحدة من الحکومات و الشعوب المسلمة و الجماعات المقاومة فی فلسطین و لبنان و باقی البلدان أن تعرف نصیبها و دورها من هذا الجهاد العام، و أن تملأ بإذن الله جدول المقاومة.
مشروع الجمهوریة الإسلامیة لحل قضیة فلسطین و لمداواة هذا الجرح القدیم مشروع واضح و منطقی و مطابق للعرف السیاسی المقبول لدی الرأی العام العالمی، و قد سبق أن عرض بالتفصیل. إننا لا نقترح الحرب الکلاسیکیة لجیوش البلدان الإسلامیة، و لا رمی الیهود المهاجرین فی البحر، و لا طبعاً تحکیم منظمة الأمم المتحدة و سائر المنظمات الدولیة. إننا نقترح إجراء استفتاء للشعب الفلسطینی. من حق الشعب الفلسطینی کأی شعب آخر أن یقرر مصیره و یختار النظام الذی یحکم بلاده. یشارک کل الفلسطینیین الأصلیین من مسلمین و مسیحیین و یهود - و لیس المهاجرون الأجانب - أین ما کانوا، فی داخل فلسطین أو فی المخیمات أو فی أی مکان آخر، فی استفتاء عام و منضبط و یحددوا النظام المستقبلی لفلسطین. و بعد أن یستقر ذلک النظام و الحکومة المنبثقة عنه سوف یقرر أمر المهاجرین غیر الفلسطینیین الذین انتقلوا إلی هذا البلد خلال الأعوام الماضیة. هذا مشروع عادل و منطقی یستوعبه الرأی العام العالمی بصورة صحیحة، و یمکن أن یتمتع بدعم الشعوب و الحکومات المستقلة. بالطبع، لا نتوقع أن یرضخ الصهاینة الغاصبون له بسهولة، و هنا یتکون دور الحکومات و الشعوب و منظمات المقاومة و یکتسب معناه.
الرکن الأهم لدعم الشعب الفلسطینی هو قطع الدعم للعدو الغاصب، و هذا هو الواجب الکبیر الذی یقع علی عاتق الحکومات الإسلامیة. الآن و بعد نزول الشعوب إلی الساحة و شعاراتهم المقتدرة ضد الکیان الصهیونی بأی منطق تواصل الحکومات المسلمة علاقاتها مع الکیان الغاصب؟ وثیقة صدق الحکومات المسلمة فی مناصرتها للشعب الفلسطینی هو قطع علاقاتها السیاسیة و الاقتصادیة الجلیة و الخفیة مع ذلک الکیان. الحکومات التی تستضیف سفارات الصهاینة أو مکاتبهم الاقتصادیة لا تستطیع أن تدعی الدفاع عن فلسطین، و أی شعار معاد للصهیونیة لن یأخذ منهم علی مأخذ الجد و الحقیقة.
منظمات المقاومة الإسلامیة التی تحملت فی الأعوام الماضیة أعباء الجهاد الثقیلة لا تزال الیوم أیضاً أمام هذا الواجب الکبیر. مقاومتهم المنظمة هی الذراع الفاعل الذی بمقدوره أخذ الشعب الفلسطینی نحو هذا الهدف النهائی. المقاومة الشجاعة للجماهیر التی احتلت دیارهم و بلادهم معترف بها رسمیاً و ممدوحة و مشاد بها فی کل المواثیق الدولیة. تهمة الإرهاب التی تطلقها الشبکات السیاسیة و الإعلامیة التابعة للصهیونیة کلام أجوف لا قیمة له. الإرهابی العلنی هو الکیان الصهیونی و حماته الغربیون، و المقاومة الفلسطینیة حرکة إنسانیة مقدسة مناهضة للإرهابیین.
و فی هذا الخضم، من الجدیر بالبلدان الغربیة أیضاً أن تکون لها نظرتها الواقعیة. الغرب الیوم علی مفترق طرق. إما أن یتخلی عن منطق القوة الذی استخدمه زمناً طویلاً و یعترف بحقوق الشعب الفلسطینی، و لا یواصل أکثر من هذا اتباع المخططات الصهیونیة التعسفیة اللاإنسانیة، و إما أن ینتظر ضربات أقسی فی المستقبل غیر البعید. و هذه الضربات الشالة لیست مجرد السقوط المتتابع للحکومات المطیعة لهم فی المنطقة الإسلامیة، إنما یوم تدرک الشعوب فی أوربا و أمریکا أن أغلب مشکلاتهم الاقتصادیة و الاجتماعیة و الأخلاقیة نابعة من الهیمنة الأخطبوطیة للصهیونیة الدولیة علی حکوماتهم، و أن ساستهم یطیعون و یسلمون لتعسف أصحاب الشرکات الصهیونیة المصاصة للدماء فی أمریکا و أوربا من أجل الحفاظ علی مصالحهم الشخصیة و الحزبیة، فسوف یخلقون لهم جحیماً لا یمکن تصور أی سبیل للخلاص منه.
یقول رئیس جمهوریة أمریکا إن أمن إسرائیل هو خطنا الأحمر. من الذی رسم هذا الخط الأحمر؟ مصالح الشعب الأمریکی أم حاجة أوباما الشخصیة للمال و دعم الشرکات الصهیونیة للحصول علی کرسی الرئاسة فی الدورة الرئاسیة الثانیة؟ إلی متی ستستطیعون خداع شعبکم؟ ماذا سیفعل الشعب الأمریکی یوم یدرک عن حق أنکم رضیتم بالذلة و التبعیة و التمرّغ فی التراب أمام أرباب المال الصهاینة، و نحرتم مصالح شعب کبیر أمام أقدامهم من أجل البقاء فی السلطة أیاماً أضافیة؟
أیها الإخوة و الأخوات الأعزاء، إعلموا أن هذا الخط الأحمر لأوباما و أمثاله سوف یتحطم علی ید الشعوب المسلمة الثائرة. ما یهدد الکیان الصهیونی لیس صواریخ إیران أو جماعات المقاومة حتی تنصبوا أمامه درعاً صاروخیاً هنا و هناک. التهدید الحقیقی و الذی لا علاج له هو العزیمة الراسخة للرجال و النساء و الشباب فی البلدان الإسلامیة الذین لم یعودوا یریدون أن تتحکم فیهم أمریکا و أوربا و عملاؤهم، و یفرضون علیهم الهوان.
و بالطبع، فإن تلک الصواریخ سوف تؤدی واجباتها متی ما ظهر تهدید من قبل العدو.
«فاصبر إن وعد الله حق و لا یستخفنک الذین لا یوقنون».
و السلام عليكم و رحمة الله.
http://arabic.khamenei.ir//index.php?option=com_content&task=view&id=1224&Itemid=127
36m:11s
15479
[ARABIC] كلمة الإمام الخامنئي في إفتتاح...
كلمة قائد الثورة الاسلامية الإمام الخامنئي في المؤتمر العالمي لعلماء الدين و...
كلمة قائد الثورة الاسلامية الإمام الخامنئي في المؤتمر العالمي لعلماء الدين و الصحوة الإسلامية
29/04/2013
بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المصطفى، و آله الأطيبين و صحبه المنتجبين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أرحب بكم أيها الضيوف الأعزاء، و أسأل الله العزيز الرحيم أن يبارك في هذا الجهد الجماعي، و أن يجعله شوطاً فاعلاً على طريق حياة أفضل للمسلمين إنه سميع مجيب.
موضوع الصحوة الإسلامية الذي ستتناولونه في هذا المؤتمر هو اليوم في رأس قائمة قضايا العالم الإسلامي و الأمة الإسلامية.. إنه ظاهرة عظيمة لو بقيت سليمة و تواصلت بإذن الله لاستطاعت أن تقيم الحضارة الإسلامية في أفق ليس ببعيد للعالم الإسلامي و من ثَمّ للبشرية جمعاء.
إنّ البارز أمام أعيننا اليوم، و لا يستطيع أي إنسان مطّلع و ذي بصيرة أن ينكره هو أن الإسلام اليوم قد خرج من هامش المعادلات الاجتماعية و السياسية في العالم، و اتخذ مكانة بارزة و ماثلة في مركز العناصر الفاعلة لحوادث العالم، ليقدم رؤية جديدة على ساحة الحياة و السياسة و الحكم و التطورات الاجتماعية. و يشكل ذلك، في عالمنا المعاصر الذي يعاني بعد هزيمة الشيوعية و الليبرالية من فراغ فكري و نظري عميق، ظاهرةً ذات مغزى و أهمية بالغة.
و هذا أول أثر تركته الحوادث السياسية و الثورية في شمال أفريقيا و المنطقة العربية على الصعيد العالمي، و يبشّر بدوره ببروز حقائق أكبر في المستقبل.
إنّ الصحوة الإسلامية التي يتجنب ذكرها المتحدثون باسم جبهة الاستكبار و الرجعية، بل يخافون أن يجري اسمها على ألسنتهم، هي حقيقة نرى معالمها اليوم في أرجاء العالم الإسلامي كافة. و أبرز معالمها تطلع الرأي العام و خاصة فئة الشباب إلى إحياء مجد الإسلام و عظمته، و وعيهم لحقيقة نظام الهيمنة العالمية، و انكشاف الوجه الخبيث و الظالم و المستكبر لحكومات و دوائر أنشبت أظفارها الدامية لأكثر من قرنين في المشرق الإسلامي و غير الإسلامي، و جعلت مقدرات الشعوب عرضة لنزعتها الشرسة و العدوانية نحو الهيمنة، و ذلك بنقاب المدنية و الحضارة.
أبعاد هذه الصحوة المباركة واسعة غاية السعة و ذات امتداد رمزي، و لكن ما حققته من حاضر العطاء في بعض بلدان شمال أفريقيا من شأنه أن يجعل القلوب واثقة بمعطيات مستقبلية كبرى و هائلة. إن تحقق معاجز الوعود الإلهية يحمل دائماً معه دلالات أمل يبشّر بتحقق وعود أكبر. و ما يحكيه القرآن الكريم عن الوعدين الإلهيين لأمّ موسى هو نموذج من هذه السنة الربانية.
إذ في تلك اللحظات العسيرة، حيث صدر الأمر بإلقاء الصندوق حامل الرضيع في اليمّ، جاء الخطاب الإلهي بالوعد: (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ). (1) إن تحقق الوعد الأول، و هو الوعد الأصغر الذي شدّ على قلب الأم، أصبح منطلقاً لتحقق وعد الرسالة، و هو أكبر بكثير، و يستلزم طبعاً تحمّل المشاق و المجاهدة و الصبر الطويل: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَ لَا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ...). (2) هذا الوعد الحقّ هو تلك الرسالة الكبرى التي تحققت بعد سنين و غيّرت مسيرة التاريخ.
و من النماذج الأخرى التذكير بالقدرة الإلهية الفائقة في قمع المهاجمين للكعبة، و الذي ورد في القرآن بلسان الرسول الأعظم (ألم يجعل كيدهم في تضليل) (3) و ذلك لتشجيع المخاطبين علی امتثال الأمر الالهي: (فليعبدوا رب هذا البيت). (4)
و في موضع آخر يذكّر سبحانه رسوله بما أغدقه عليه من نعم تشبه المعجزة: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)، ليكون ذلك وسيلة لتقوية معنويات نبيّه الحبيب و إيمانه بالوعد الإلهي في قوله: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ مَا قَلَى)، (5) و مثل هذه الأمثلة كثيرة في القرآن الكريم.
حين انتصر الإسلام في إيران، و استطاع أن يفتح قلاع أمريكا و الصهيونية في أحد أكثر البلدان حساسية من هذه المنطقة المهمة بامتياز، عَلِم أهل العبرة و الحكمة أنهم إذا انتهجوا طریق الصبر و البصيرة فإن فتوحات أخرى ستتعاقب علیهم، و قد تعاقبت فعلاً.
الحقائق الساطعة في الجمهورية الإسلامية و التي يعترف بها الأعداء قد تحققت بأجمعها في ظل الثقة بالوعد الإلهي و الصبر و المقاومة و الاستمداد من ربّ العالمين. شعبنا كان يرفع دائماً صوته بالقول: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، (6) أمام وساوس الضعفاء الذين كانوا يردّدون في الفترات الحرجة: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ). (7)
هذه التجربة الثمینة هي اليوم في متناول الشعوب التي نهضت بوجه الاستكبار و الاستبداد، و استطاعت أن تسقط أو تزلزل عروش الحكومات الفاسدة الخاضعة و التابعة لأمريكا. الثبات و الصبر و البصيرة و الثقة بالوعد الإلهي في قوله سبحانه: (وَ لَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، (8) بإمكانها أن تمهّد طريق العزّ هذا أمام الأمة الإسلامية حتى تصل إلى قمة الحضارة الإسلامية.
إنني في هذا الاجتماع الهام لعلماء الأمة بمختلف أقطارهم و مذاهبهم أرى من المناسب أن أبيّن عدة نقاط ضرورية حول قضايا الصحوة الإسلامية:
الأولى: إن الأمواج الأولى للصحوة في بلدان هذه المنطقة، و التي اقترنت ببدايات دخول الغزو الاستعماري، قد انطلقت غالباً على يد علماء الدين و المصلحين الدينيين. لقد خلدت صفحات التاريخ و للأبد أسماء قادة و شخصيات بارزة من أمثال السيد جمال الدين الأسد آبادي، و محمد عبده، و الميرزا الشيرازي، و الآخوند الخراساني، و محمود الحسن، و محمد علي، و الشيخ فضل الله النوري، و الحاج آقا نور الله، و أبي الأعلى المودودي، و عشرات من كبار علماء الدين المعروفين و المجاهدين و المتنفذين من إيران و مصر و الهند و العراق. و يبرز في عصرنا الراهن اسم الإمام الخميني العظيم مثل كوكب ساطع على جبين الثورة الإسلامية في إيران. و كان لمئات العلماء المعروفين و آلاف العلماء غير المعروفين في الحاضر و الماضي دور في المشاريع الإصلاحية الكبيرة و الصغيرة على ساحة مختلف البلدان. و قائمة المصلحين الدينيين من غير علماء الدين كحسن البنا و إقبال اللاهوري هي طويلة أيضاً و مثيرة للإعجاب.
و قد كانت المرجعيّة الفكريّة لعلماء الدين و رجال الفكر الديني بدرجة و أخرى، و في كل مكان. لقد كانوا سنداً روحياً قوياً للجماهير، و حيثما قامت قيامة التحولات الكبرى ظهروا في دور المرشد و الهادي، و تقدموا لمواجهة الخطر في مقدمة صفوف الحراك الشعبي، و ازداد الارتباط الفكري بينهم و بين الناس، و ازداد معه تأثيرهم في دفع الناس نحو الطريق الصحيح. و هذا له من الفائدة و البركة لنهضة الصحوة الإسلامية بمقدار ما يجرّ على أعداء الأمة و الحاقدين على الإسلام و المعارضين لسيادة القيم الإسلامية من انزعاج و امتعاض ما يدفعهم إلى محاولة إلغاء هذه المرجعية الفكرية للمؤسسات الدينية و استحداث أقطاب جديدة عرفوا بالتجربة أنها يمكن المساومة معها بسهولة على حساب المبادئ و القيم الدينية. و هذا ما لا يحدث إطلاقاً مع العلماء الأتقياء و رجال الدين الملتزمين.
إن هذا يضاعف ثقل مسؤولية علماء الدين. فعليهم أن يسدّوا الطريق أمام الاختراق بفطنة و دقة متناهية و بمعرفة أساليب العدوّ الخادعة و حيله، و أن يحبطوا مكائده. إن الانشداد للموائد الملوّنة بمتاع الدنيا من أكبر الآفات. و التلوث بهبات أصحاب المال و السلطة و عطاياهم، و الارتباط المادي بطواغيت الشهوة و القوة من أخطر عوامل الانفصال عن الناس و التفريط بثقتهم و محبتهم. الأنانية و حبّ الجاه الذي يجرّ الضعفاء إلى أقطاب القوة يشكّلان أرضية خصبة للتلوث بالفساد و الانحراف. لا بدّ أن نضع نصب أعيننا قوله سبحانه: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لَا فَسَادًا وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). (9)
إننا اليوم، في عصر حراك الصحوة الإسلامية و ما تبعثه في النفوس من أمل، نشاهد أحيانًا مساعي خدم أمريكا و الصهيونية لاصطناع مرجعيات فكرية مشبوهة من ناحية، و مساعي الغارقين في المال و مستنقع الشهوات لجرّ أهل الدين و التقوى إلى موائدهم المسمومة الملوثة من ناحية أخرى.
فعلى علماء الدين و الرجال المتدينين و المحافظين على الدين أن يراقبوا هذه الأمور بشدة و دقّة.
المسألة الثانية، ضرورة رسم هدف بعيد المدى للصحوة الإسلامية في البلدان المسلمة يوضع أمام الجماهير ليكون البوصلة في حركتها للوصول إليه. و بمعرفة هذا الهدف يمكن رسم خريطة الطريق و تحديد الأهداف القريبة و المتوسطة. هذا الهدف النهائي لا يمكن أن يكون أقل من إقامة «الحضارة الإسلامية المجيدة». الأمة الإسلامية، بكل أجزائها في إطار الشعوب و البلدان، يجب أن تعتلي مكانتها الحضارية التي يدعو إليها القرآن الكريم.
إن من الخصائص الأصلية و العامة لهذه الحضارة استثمار أبناء البشر لجميع ما أودعه الله في عالم الطبيعة و في وجودهم من مواهب و طاقات مادية و معنوية لتحقيق سعادتهم و سموّهم. و يمكن، بل و ينبغي مشاهدة مظاهر هذه الحضارة في إقامة حكومة شعبية، و في قوانين مستلهمة من القرآن، و في الاجتهاد و تلبية الاحتياجات المستحدثة للبشر، و في رفض الجمود الفكري و الرجعية، ناهيك عن البدعة و الالتقاط، و في إنتاج الرفاه و الثروة العامة، و في استتباب العدل، و في التخلص من الاقتصاد القائم على الاستئثار و الربا و التكاثر، و في إشاعة الأخلاق الإنسانية، و في الدفاع عن المظلومين في العالم، و في السعي و العمل و الابداع.
و من مستلزمات هذا البناء الحضاري النظرة الاجتهادية و العلمية للساحات المختلفة بدء من العلوم الإنسانية و نظام التربية و التعليم الرسمي، و مروراً بالاقتصاد و النظام المصرفي، و انتهاء بالإنتاج الصناعي و التقني و وسائل الإعلام الحديثة و الفن و السينما، بالإضافة إلى العلاقات الدولية و غيرها من الساحات.
و تدلّ التجربة علی أن كل ذلك ممكن و في متناول مجتمعاتنا بطاقاتها المتوفرة. لا يجوز أن ننظر إلى هذا الأفق بنظرة متسرعة أو متشائمة. التشاؤم في تقويم قدراتنا كفران بنعم الله، و الغفلة عن الإمداد الإلهي و دعم سنن الكون انزلاق في ورطة : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ). (10)
نحن قادرون على أن نكسر حلقات الاحتكارات العلمية و الاقتصادية و السياسية لقوى الهيمنة، و أن نجعل الأمة الإسلامية سبّاقة لإحقاق حقوق أكثرية شعوب العالم التي هي اليوم مقهورة أمام أقلية مستكبرة.
الحضارة الإسلامية بمقوماتها الإيمانية و العلمية و الأخلاقية، و عبر الجهاد الدائم، قادرة علی أن تقدم للأمة الإسلامية و للبشرية المشاريع الفكرية المتطورة و الأخلاق السامية، و أن تكون منطلق الخلاص من مظالم الرؤية المادية للكون و من الأخلاق الغارقة في مستنقع الرذيلة التي تشكل أركان الحضارة الغربية القائمة.
المسألة الثالثة: في إطار حركات الصحوة الإسلامية يجب الاهتمام باستمرار بالتجربة المرّة و الفظيعة التي تركتها التبعية للغرب على السياسة و الأخلاق و السلوك و نمط الحياة.
البلدان الإسلامية خلال أكثر من قرن من التبعية لثقافة الدول المستكبرة و سياستها قد مُنيت بآفات مهلكة مثل الذيلية و الذلة السياسية و الفقر الاقتصادي و تهاوي الأخلاق و الفضيلة، و التخلف العلمي المُخجِل، بينما الأمة الإسلامية تمتلك تاريخاً مشرقاً من التقدم في جميع هذه المجالات.
هذا الكلام لا ينبغي اعتباره مناصبة العداء للغرب، نحن لا نكنّ العداء لأية مجموعة إنسانية بسبب تمايزها الجغرافي. نحن تعلمنا من الإمام علي (عليه السلام) ما قاله عن الإنسان أنه: «إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». (11) اعتراضنا إنما هو على الظلم و الاستكبار و التحكم و العدوان و الفساد و الانحطاط الأخلاقي و العملي الذي تمارسه القوى الاستعمارية و الاستكبارية ضد شعوبنا. و نحن الآن أيضاً نشاهد تحكّم و تدخل و تعنّت أمريكا و بعض ذيولها في المنطقة داخل البلدان التي تحوّل فيها نسيم الصحوة إلى نهوض عاصف و إلى ثورة. وعود هؤلاء و توعّداتهم يجب أن لا تؤثر في قرارات و مبادرات النخب السياسية و في الحركة الجماهيرية العظيمة.
و هنا أيضاً يجب أن نتلقى الدروس من التجارب. أولئك الذين انشدّت قلوبهم لسنوات طويلة بوعود أمريكا و جعلوا الركون إلى الظالم أساساً لنهجهم و سياستهم لم يستطيعوا أن يحلّوا مشكلة من مشاكل شعبهم أو أن يبعدوا ظلماً عنهم أو عن غيرهم. بل إن هؤلاء باستسلامهم لأمريكا لم يستطيعوا أن يحولوا دون هدم بيت فلسطيني واحد على الأقل في إرض هي ملك للفلسطينيين.
الساسة و النخب المخدوعة بالتطميع أو المرعوبة بتهديد جبهة الاستكبار و الذين يخسرون فرصة الصحوة الإسلامية يجب أن يخشوا ما وجهه الله سبحانه إليهم من تهديد إذ قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَ أَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَ بِئْسَ الْقَرَارُ). (12)
المسألة الرابعة: إن أخطر ما يواجه حركة الصحوة الاسلامية اليوم هو إثارة الخلافات و دفع هذا الحراك نحو صدامات دموية طائفية و مذهبية و قومية و محلیة. هذه المؤامرة تتابع أجهزة الجاسوسية الغربية و الصهيونية تنفيذها اليوم بجدٍ و اهتمام في منطقة تمتد من شرق آسيا حتى شمال أفريقيا، و خاصة في المنطقة العربية، بدعم من دولارات النفط و الساسة المأجورين. و الأموال التي یمکن استخدمها في تحقيق رفاه خلق الله، تُنفق في التهديد و التكفير و الاغتيال و التفجير و إراقة دم المسلمين و إضرام نيران الأحقاد الدفينة. أولئك الذين يرون في قوة اتحاد المسلمين مانعاً لتطبيق أهدافهم الخبيثة رأوا في إثارة الخلافات داخل الأمة الإسلامية أيسر طريق لتنفيذ أهدافهم الشيطانية، و جعلوا من اختلاف وجهات النظر في الفقه و الكلام و التاريخ و الحديث، و هو اختلاف طبيعي لا يمكن اجتنابه، ذريعة للتكفير و سفك الدماء و الفتنة و الفساد.
نظرة فاحصة لساحة النزاعات الداخلية تكشف بوضوح يد العدوّ وراء هذه المآسي. هذه اليد الغادرة تستثمر دون شك الجهل و العصبية و السطحية في مجتمعاتنا، و تصبّ الزيت على النار. مسؤولية المصلحين و النخب الدينية و السياسية في هذا الخضمّ ثقيلة جداً.
ليبيا بشكل، و مصر و تونس بشكل أخر، و سوريا بشكل، و باكستان بشكل أخر، و العراق و لبنان بشكل، تعاني اليوم أو في معرض المعاناة من هذه النيران الخطرة. لا بدّ من المراقبة الشديدة و البحث عن العلاج.
من السذاجة أن نعزو كل ذلك إلى عوامل و دوافع عقائدية أو قومية. الدعاية الغربية و الإعلام الإقليمي التابع و المأجور يصوّران الحرب المدمّرة في سورية بأنها نزاع سنّي ــ شيعي، و يوفران بذلك مساحة آمنة للصهاينة و أعداء المقاومة في سوريا و لبنان. بينما النزاع في سوريا ليس بين طرفين سني و شيعي، بل بين أنصار المقاومة ضد الصهيونية و معارضي هذه المقاومة. ليست حكومة سوريا حكومة شيعية، و لا المعارضة العلمانية المعادية للإسلام مجموعة سنية، إنما المنفذون لهذا السيناريو المأساوي كانوا بارعين في قدرتهم على استغلال المشاعر الدينية للسذج في هذا الحريق المهلك. نظرة إلى الساحة و الفاعلين فيها على المستويات المختلفة توضّح هذه المسألة لكل إنسان منصف.
هذه الموجة الإعلامية تؤدّي دورها بشكل آخر في البحرين لاختلاق الكذب و الخداع. في البحرين هناك أكثرية مظلومة محرومة لسنوات طويلة من حق التصويت و سائر الحقوق الأساسية للشعب، قد نهضت للمطالبة بحقها. ترى هل يصحّ أن نعتبر الصراع شيعيا سنياً لأن هذه الأكثرية المظلومة من الشيعة، و الحكومة المتجبّرة العلمانية تتظاهر بالتسنّن ؟!
المستعمرون الأوربيون و الأمريكيون و من لفّ لفهم في المنطقة يريدون طبعاً أن يصوّروا الأمر بهذا الشكل، و لكن أهذه هي الحقيقة؟!
هذا ما يستدعي من جميع علماء الدين المصلحين و المنصفين أن يقفوا تجاهه بتأمّل و دقة و شعور بالمسؤولية، و يحتّم عليهم أن يعرفوا أهداف العدو في إثارة الخلافات الطائفية و القومية و الحزبية.
المسألة الخامسة: إن سلامة مسيرة حركات الصحوة الإسلامية يجب أن نبحث عنها، فيما نبحث، في موقفها تجاه قضية فلسطين. منذ ستين عاماً حتى الآن لم تنزل على قلب الأمة الإسلامية كارثة أكبر من اغتصاب فلسطين.
مأساة فلسطين منذ اليوم الأول حتى الآن كانت مزيجاً من القتل و الارهاب و الهدم و الغصب و الإساءة للمقدسات الإسلامية. وجوب الصمود و النضال أمام هذا العدو المحارب هو موضع اتفاق جميع المذاهب الإسلامية و محل إجماع كل التيارات الوطنية الصادقة و السليمة.
إنّ أيّ تيار في البلدان الإسلامية يتناسى هذا الواجب الديني و الوطني انصياعاً للإرادة الأمريكية المتعنتة أو بمبررات غير منطقية يجب أن لا يتوقع غير التشكيك في وفائه للإسلام و في صدق ادعاءاته الوطنية.
إنّ هذا هو المحكّ. كل من يرفض شعار تحرير القدس الشريف و إنقاذ الشعب الفلسطيني و أرض فلسطين، أو يجعلها مسألة ثانوية و يدير ظهره لجبهة المقاومة، فهو متّهم.
الأمة الإسلامية يجب أن تضع نصب عينيها هذا المؤشر و المعيار الواضح الأساسي في كل مكان و زمان.
أيها الضيوف الأعزاء.. أيها الإخوة و الأخوات..
لا تبعدوا عن أنظاركم كيد العدوّ، فإن غفلتنا توفّر الفرصة للعدوّ.
إنّ درس الإمام علي (عليه السلام) لنا هو أنه: «من نام لم يُنَم عنه». (13) تجربتنا في الجمهورية الإسلامية هي بدورها مليئة بدروس العبرة في هذا المجال. إذ بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، بدأت الحكومات الغربية و الأمريكية المستكبرة التي كانت منذ أمد بعيد تسيطر على طواغيت إيران و تتحكم في المصير السياسي و الاقتصادي و الثقافي لبلدنا، و تستهين بالقوة الضخمة للايمان الإسلامي في داخل المجتمع، و كانت غافلة عن قوة الإسلام و القرآن في التعبئة و التوجيه، بدأت تفهم فجأة ما وقعت فيه من غفلة، فتحركت دوائرها السيادية و أجهزتها الاستخبارية و مراكز صنع القرار فيها لِتَجبُرَ ما مُنيت به من هزيمة فاحشة .
رأينا خلال هذه الأعوام التي تربو علی الثلاثين أنواع المؤامرات و المخططات، و الذي بدّد مكرهم أساساً هو عاملان: الثبات على المبادئ الإسلامية، و الحضور الجماهيري في الساحة.
هذان العاملان هما مفتاح الفتح و الفَرَج في كل مكان. العامل الأول يضمنه الإيمان الصادق بالوعد الإلهي، و العامل الثاني سيبقى ببركة الجهود المخلصة و البيان الصادق. الشعب الذي يؤمن بصدقِ قادته و إخلاصهم يجعل الساحة فاعلة بحضوره المبارك. و أينما بقي الشعب في الساحة بعزم راسخ فإن أية قدرة ستكون عاجزة عن إنزال الهزيمة به. هذه تجربة ناجحة لكل الشعوب التي صنعت بحضورها الصحوة الإسلامية.
أسأل الله تعالى لكم و لكل الشعوب أن يسددكم و يأخذ بأیدیکم و يعينكم و يغدق عليكم شآبيب رحمته إنه تعالى سميع مجيب.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الهوامش:
1 - سورة القصص، الآیة 7 .
2 - سورة القصص، الآیة 13 .
3 - سورة الفیل، الآیة 2 .
4 - سورة قریش، الآیة 3 .
5 - سورة الضحی، الآیة 3 .
6 - سورة الشعراء، الآیة 62 .
7 - سورة الشعراء، الآیة 61 .
8 - سورة الحج، الآیة 40 .
9 - سورة القصص، الآیة 83 .
10 - سورة الفتح، الآیة 6 .
11 - نهج البلاغة، الکتاب رقم 53 .
12 - سورة إبراهیم، الآیتان 28 و 29 .
13 - نهج البلاغة، الکتاب رقم 62 .
Source: http://arabic.khamenei.ir//index.php?option=com_content&task=view&id=1569
39m:39s
15444
Altyazılı Hizbullah Marşı | 3ala Ard Bi Al-Dam Inketeb | Toprağıma...
Hizbullahın Eski Bir Marşı Türkçe Altyazılı Olarak Hizmetinizdedir.
Arabic Words\\\\
اتحدينا المدفع بالدم حلفنا...
Hizbullahın Eski Bir Marşı Türkçe Altyazılı Olarak Hizmetinizdedir.
Arabic Words\\\\
اتحدينا المدفع بالدم حلفنا عالدار منرجع
مهما الظلم اشتد وعم الغاصب من الارض بيطلع
على ارضي بالدم انكتب المحتل مهزوم انسحب بالسيف عالصخر انحفر لبنان بالشهداء انتصر
يا جنوبي لو مهما صار الارض بتبقى بيبقى الدار
بمقاوم فارس مغوار سلاحه بيرق موطنا
على ارضي بالدم انكتب المحتل مهزوم انسحب بالسيف عالصخر انحفر لبنان بالشهداء انتصر
يا جنوبي من يوم خلقنا الحريه راية عزتنا
وين المحتل ينازلنا منستشهد ما منرضا العار
على ارضي بالدم انكتب المحتل مهزوم انسحب بالسيف عالصخر انحفر لبنان بالشهداء انتصر
يا تراب جنوبي من شمسك فجر الحريه بيشهدلك
عطر الشهداء مزين دربك صوتك الحان الثوار
على ارضي بالدم انكتب المحتل مهزوم انسحب بالسيف عالصخر انحفر لبنان بالشهداء انتصر
English Words\\\\
We opposed the cannons with blood, we swore to return to our homes,
No matter how the oppression strengthens and spreads, we will expel the rapist from our land.
On my land it is written in blood: the defeated occupier has withdrawn,
It was carved in stone with the sword: Lebanon has triumphed by her martyrs.
Oh my South, no matter what happens, our land will remain, our home will remain,
By resistance, the knight, the fighter - his weapon is the symbol of our nation.
On my land it is written in blood: the defeated occupier has withdrawn,
It was carved in stone with the sword: Lebanon has triumphed by her martyrs.
Oh my South, from the day of our creation, freedom was the banner of our glory,
Where the occupier fought us, we fell without accepting disgrace.
On my land it is written in blood: the defeated occupier has withdrawn,
It was carved in stone with the sword: Lebanon has triumphed by her martyrs.
Oh soil of the South, the dawn of freedom bears witness from your sun,
The scent of the martyrs adorns your path, your voice is the melody of the revolutionaries.
On my land it is written in blood: the defeated occupier has withdrawn,
It was carved in stone with the sword: Lebanon has triumphed by her martyrs
4m:25s
4513
المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد...
ـ 📹 المحاضرة الرمضانية الـ19 لـ #السيد_عبدالملك_بدرالدين_الحوثي 19-رمضان-1443هـ...
ـ 📹 المحاضرة الرمضانية الـ19 لـ #السيد_عبدالملك_بدرالدين_الحوثي 19-رمضان-1443هـ 20-04-2022م
#رمضان 🌙 1443هـ
#محاضرة_السيد_القائد
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين والمجاهدين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
اللهم اهدنا، وتقبَّل منا، إنك أنت السميع العليم، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.
في سياق الحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى، ثم بالتالي الحديث عن جهاد رسول الله \"صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله\"، ونهوضه بأمر الله \"سبحانه وتعالى\"، وعن المساحة التي أخذها الجهاد في القرآن الكريم فيما تحدث الله به عنه، وفي حركة رسول الله \"صلوات الله عليه وعلى آله\"، تحدثنا عن الجهاد في سبيل الله \"سبحانه وتعالى\" كضرورةٍ لها علاقةٌ بنظم حياتنا، وبشؤون حياتنا، فليست- كما قلنا- عبءً إضافياً يُنتِج لنا المشاكل التي كنا في غناً عنها، بل هي وسيلةٌ جعلها الله \"سبحانه وتعالى\" لنا لنتصدى من خلالها للمشاكل القائمة في واقع الحياة، والمخاطر والتهديدات التي نواجهها نحن في ظروف حياتنا، وفي واقع حياتنا.
إضافةً إلى ذلك: فالجهاد في سبيل الله \"سبحانه وتعالى\" هو من الفرائض الأساسية في الإسلام، وليس مجرد عملٍ قُدِّم ضمن الأعمال التي تأتي في سياق ما يوصَّف بأنه من المندوبات، أو المستحبات، أو الأعمال التطوعية، التي إن رغب الإنسان فيها، فلا بأس، وإن لم يرغب، فليس هناك مشكلة، ليست من ضمن الالتزامات الأساسية الإيمانية، الجهاد في سبيل الله ليس حاله حال المندوبات والمستحبات، والأمور التي تعود إلى رغبة الإنسان، إن رغب أن يفعلها، فزيادةٌ في الأجر والفضل، وإن لم يرغب، فلا حرج عليه.
الجهاد في سبيل الله هو فريضةٌ من أهم فرائض الدين، ومن ضمن الالتزامات الإيمانية الأساسية، التي على الإنسان المؤمن، إلَّا من عذرهم الله \"سبحانه وتعالى\" في الآيات القرآنية، ونصَّ عليهم، ونصَّ على عذرهم، وإلَّا فعلى غيرهم أن يتحركوا، أن يستجيبوا لله \"سبحانه وتعالى\".
والقرآن الكريم أكَّد على هذا كثيراً؛ لأن الحديث عن الجهاد هو أكثر من الحديث عن أي فريضةٍ أخرى من فرائض الله في القرآن الكريم، فالله تحدث عن الجهاد بأكثر مما تحدث عن الصلاة، وعن الصيام، وعن الحج، وعن الزكاة... وعن مجموع تلك الفرائض، الحديث عنه واسعٌ جداً في القرآن الكريم.
يقول الله \"سبحانه وتعالى\" في القرآن الكريم: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النساء: من الآية76]، فجعله من صفاتهم اللازمة، من شأنهم أن يكونوا هكذا؛ لأن هذا جزءٌ من التزاماتهم ومسؤولياتهم الإيمانية، ذات العلاقة بإيمانهم، {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: الآية76].
يقول الله \"سبحانه وتعالى\" في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: الآية111]، فيأتي الحديث عمَّن؟ عن المؤمنين، باعتبارهم باعوا أنفسهم وأموالهم من الله \"سبحانه وتعالى\".
مستوى العلاقة الإيمانية بالله \"جلَّ شأنه\" تصل إلى هذا المستوى: الذي ينطلق فيه الإنسان بائعاً نفسه من الله، والله هو المالك للنفس؛ إنما جعل الله هذا الباب، وفتحه لخاصة أوليائه، كما قال أمير المؤمنين عليٌّ \"عليه السلام\" عن الجهاد: ((بابٌ من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه))، فالله هو المالك للنفس البشرية، الله هو المالك لكل نفس، لكل ما في السماوات والأرض، المالك لنفس البَّر، ونفس الفاجر، والمؤمن والكافر، لأنفس البشر جميعاً، لكل المخلوقات بكلها، هو الملك، مع ذلك أتاح لعباده المؤمنين أن يبيعوا أنفسهم منه ضمن صفقةٍ، هي صفقة الجهاد في سبيل الله، كما قال في آيةٍ أخرى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}[البقرة: من الآية207]، فتستثمر تضحيتك في سبيل الله \"سبحانه وتعالى\"، لتكون بالنسبة لك صفقةً بينك وبين الله، تحصل من خلالها على الأجر العظيم، على الفضل الكبير، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: من الآية111]، فيكافئك على ذلك بهذا العطاء العظيم، العطاء الواسع، الحياة الهنيئة، السعادة الأبدية.
وواقع الكثير من البشر أنهم يبيعون أنفسهم، ومواقفهم، فيقاتلون، ويَقتُلون ويُقتَلون، مقابل رغبات مادية، وأهواء ومطامع، ومقابل إغراءات حصلوا عليها من هنا أو هناك، من جهاتٍ أخرى، هي تقف ضد الحق، جهات عندما يقاتل الإنسان في سبيلها، حتى لو كان في مقابل كل الدنيا، فهو خاسر؛ لأنه أسخط الله، وخدم الباطل، ووقف في صف الظالمين، والطغاة المجرمين، المعتدين، واكتسب الوزر الثقيل في الظلم معهم، في مشاركتهم في ظلمهم، وطغيانهم، وعدوانهم، وإجرامهم، والتمكين لباطلهم؛ فيتحمل الأوزار الثقيلة، التي تكون سبباً لهلاكه وخسرانه الدائم والعياذ بالله..
لمتابعة آخر الأخبار والتقارير على منبر المركز الإعلامي لـ #أنصار_الله في التيليجرام:
https://t.me/AnsarAllahMC
71m:18s
1998